كيف تتخلص من اثر مواقع التواصل الاجتماعي - بصمة | نلهمك لتبدع
كيف تتخلص من اثر مواقع التواصل الاجتماعي
حجم الخط :
A-
A=
A+

بسم الله الرحمن الرحيم

اهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج كل يوم بصمة.

عنوان حلقتنا لهذا اليوم؛  مصيدة المواقع الاجتماعية.

 

في الماضي؛ كنا نجتمع جميعا في بيت واحد، في المساء تتعالى ضحكات أفراد العائلة، وربما يجتمع الجيران أيضا معنا، نتجاذب أطراف الحديث، كنا نعرف أسماء بعضنا، نتزاور الاقارب، نشعر بالألفة بيننا، واذا ما غاب أحدنا فان الجميع يفتقده، في ذلك الزمن الجميل كانت الأسرة والمدرسة والمسجد هي من تبني قيم وأخلاق وثقافة أبنائنا، ولكن اليوم كل شيء تغير، فلم تعد أصوات الضحكات وحوارات المساء تسمع في بيوتنا، باتت بيوتنا شبه مهجورة، أصبحت بيوتنا خالية من الدفء، فقد قطعت وسائل التواصل الاجتماعي الروابط الاجتماعية والعلاقات الأسرية، ومن المفترض أن تكون هذه الوسائل وسيلة لتزايد الترابط الاجتماعي، وانها لمفارقة عجيبة؛ ان تكون هذه الشبكات وسيلة لإضعاف العلاقات الاجتماعية والدليل على ذلك اجتماع الاهل في بيت واحد، وربما في غرفة واحدة، ولكن للأسف؛ كلٌ مشغول بعالمه الافتراضي، الواتس اب وتويتر، والفيس بوك او الانستغرام، وللأسف بتنا نهتم بالتواصل الإلكتروني الجاف ونهمل التواصل الحقيقي، وربما نهمل أصوات أعز الناس علينا، فقد لا يرد الابن على أبيه لانشغاله بمحادثة عبر مواقع الدردشة.

مصيدة المواقع الاجتماعية افقدتنا الكثير الكثير من المصداقية، اجبرتنا على التعرف على عالم وهمي لا ينجو من اخطاره الا من وفقه الله لذلك، وعلى الرغم مما يقال عن فوائد مواقع التواصل الاجتماعي الا انها جعلتنا نخسر الكثير، باتت علاقاتنا الاجتماعية شبه وهمية، وباتت اللقاءات الحقيقية شبه معدومة وباتت حياة العزلة هي الأفضل لمعظمنا، لينفرد كل منا بعالمه الافتراضي، والمعظم أصبح يعتقد أن الحياة ستكون شبه مستحيلة وخالية من السعادة، دون مواقع التواصل الاجتماعي، نعم ساعات وساعات نمضي ونحن نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن ندرك اننا ونحن نقلب في هذه الصفحات اننا نضيع معها صفحات من أعمارنا فكم هي الساعات التي استنزفناها وخسرناها بلا فائدة، ليست ساعاتنا واعمارنا فقط هي التي خسرناها، فقد فقدنا أيضا لحظات الاختلاء بأنفسنا، للتأمل والتفكر ،يقول وليام هيرلي: "الحياة البائسة هي تلك الحياة المليئة بالاهتمامات حيث لا يتوافر لنا الوقت للوقوف والتأمل، وهذه هي حياة البؤس التي نحياها اليوم"

ف مواقع التواصل الاجتماعي باتت تسيطر على كل لحظاتنا ولم نعد قادرين على اغلاق هواتفنا، ولو لساعة من اليوم حتى ونحن في أكثر أوقات الخشوع، وأوقات قراءة القرآن، فربما جاءنا إشعار او تنبيه محادثة، تركنا كتاب الله والتفتنا لهواتفنا، فهل تستطيع أن تحصي عدد مرات تفقدك لهاتفك في اليوم؟ كم مرة صحيت من نومك لتتفقد هاتفك، باتت هواتفنا لا تغادر أيدينا في كل الأوقات والمناسبات، حتى في أسوأ الظروف واجمل اللحظات، نجد أنفسنا أسرى لهواتفنا، ومع كل شعارات الدفاع عن مواقع التواصل الاجتماعي، الا انها ستبقى سببا في إصابتنا بالعزلة، فقد اهدمت الكثير من البيوت وكانت سببا في كثير من العلاقات اللا إنسانية واللا أخلاقية، اضاعت الكثير من أخلاق شبابنا وبناتنا، اشغلتنا عن ذكر الله، اشغلتنا عن أقرب الناس إلينا، أهدرت أوقاتنا، اجبرتنا على الدخول في عوالم مجهولة، لا نعرف إلى أين ستوصلنا، تراجعت قدرتنا في إعطاء معنى للحياة، نسينا شخصيتنا الحقيقية، ولم نعد نفكر الا في شخصياتنا التي تظهر عبر الإنترنت، فمتى سنغلق هذه الأجهزة التي لا تكف عن الضجيج، متى سنغلق مواقع التواصل الاجتماعي لنعود ونتصارح مع ذاتنا، ولنعيش براحة وهدوء، لنعيد لأنفسنا صفاء الذهن، نستمتع باستنشاق الأزهار وبالتواصل الحقيقي مع أهلنا ومع من نحب، نستمتع بحياتنا من جديد، ونتخلص من قبضة مواقع التواصل الاجتماعي ونطهر أنفسنا من رواسب هذه المواقع، فقد اضعنا الكثير الكثير من أوقاتنا وفرطنا في الكثير من الواجبات التي كانت علينا، واصبحنا أسرى لتلك الوسائل، فلنتحرر من تلك القيود ولنعد لشخصياتنا الحقيقية التي نسيناها في عالم وهمي، فلنعد إلى بيوتنا، إلى أهلنا، إلى أطفالنا، إلى جيراننا، إلى أصدقائنا، إلى علاقاتنا الحقيقية، ليعود الدفء من جديد إلى بيوتنا؛ لتتعالى ضحكات المساء، فلنعد إلى عالمنا الحقيقي.

أضف تعليق