الإيحاء: بوابة المنجمين لمخاطبة المجتمع - بصمة | نلهمك لتبدع
الإيحاء: بوابة المنجمين لمخاطبة المجتمع
حجم الخط :
A-
A=
A+

الإيحاء: بوابة المنجمين لمخاطبة المجتمع


الدكتور امجد ابوجدي
استاذ الارشاد والتقييم النفسي المشارك


إن «المتتبع للثقافات الإنسانية عبر التاريخ والحضارات المختلفة، يلاحظ وجود ميل لدى الإنسان للاعتقاد #بالخرافات، والاهتمام بالظواهر الإنسانية غير الطبيعية أو الماورائية»، موضحاً أنه «وعلى الرغم من التقدم العلمي الذي شهده العالم خلال الثورات الصناعية والتكنولوجية، فإننا لا نزال نلاحظ أن مستوى ما قدمه العلم للظواهر الماورائية محدود، إضافة إلى ذلك ما تزال نسبة لا بأس بها من الناس تميل إلى الاعتقاد بالتنجيم ومعرفة الطالع، بل نجد أن هناك أوقاتاً تخصص، وأموالاً تنفق في سبيل ذلك، بل والأكثر من ذلك نجد قرارات تتخذ بالاعتماد على ما يقدمه المنجمون كنصائح وتوقعات».
ويضيف الأستاذ المشارك في كلية علم النفس #بجامعة_عمان_الأهلية «وإذا نظرنا إلى الظاهرة من منظور العلوم النفسية نجد أن هناك عدة عوامل ترتبط في الأشخاص الذي يسعون إلى الاعتقاد بعلم التنجيم؛ وهي: البحث عن إجابات بسيطة تتناسب مع مستواهم الثقافي والعلمي، فالظاهرة تنتشر أكثر بين الأفراد من المستويات الثقافية والعلمية المتدنية، على الرغم من وجود متعلمين يعتقدون بذلك أيضاً. وتجنب التكلفة المرتبطة بإجراء تغييرات جذرية في السلوك. في بعض الأحيان يحتاج الأفراد إلى إحداث تغييرات في عاداتهم وسلوكاتهم حتى يتمكنوا من تجاوز المشكلات التي يواجهونها، إلا أن فئة منهم يفضلون اللجوء إلى التنجيم والاعتقاد به لأنه يقدم حلولاً أسرع بنظرهم ويتجنبون مسؤولية التغيير الجذري في سلوكهم».


ويتابع أبو جدي في عرضه لعوامل ارتباط التنجيم لدى الناس بأنه «خضوع وإذعان اجتماعي، حيث نجد أن هناك نسبة ممن يميلون إلى الاعتقاد بالتنجيم يتصرفون كما يتصرف الآخرون بمحيطهم، وذلك لمجاراتهم والتوحد معهم بسلوكاتهم»، علاوة على أن «التحرر من القلق المرتبط في تحمل المسؤولية، وإلقاء اللوم على الظروف والمتغيرات الخارجية، والاعتقاد بالتنجيم والميل إلى اللجوء إلى الدجالين، يعطي الفرصة للأفراد للخروج من إطار تحمل المسؤولية عن تصرفاتهم أو نتائج أفعالهم، ويلقون اللوم على ظروف خارجية خارقة لا تقع ضمن نطاق سيطرتهم، وهذا الأمر يسهم في تحقيق نوع من التكيف لديهم على الرغم من نتائجها السلبية عليهم».


ويستطرد قائلاً إنها «معتقدات إرثية تم تداولها بين الأجيال، فنجد في بعض الأحيان اللجوء إلى الاعتقاد بالتنجيم مرتبط بالمعتقدات الإرثية المتداولة، وأن التنجيم عبارة عن علم له أصوله وأسسه، يدفع بفئة من الناس إلى الاعتقاد به والإيمان بما يطرحه من تنبؤات لهم، وخصوصاً إذ اقترن ذلك بصدق بعض هذه التنبؤات»، بالإضافة إلى «الخوف من المجهول أو المستقبل، والسعي للحصول على إجابات حول قضايا المستقبل. إذ يوجد لدى الإفراد قلق حول مستقبلهم، خصوصاً حول القضايا الأساسية فيه، مثل: (الزواج، العمل، الدخل، الوضع الاجتماعي)، وهذا القلق يدفع بالإنسان إلى السعي للحصول على تطمينات لتعزيز الشعور بالأمان وخفض مستوى القلق المرتبط بذلك، لذا يجدون في التنجيم إجابات تخفف من مستوى قلقهم وتعطيهم نوعاً من الإحساس بالأمان، مما يعطي دافعاً للإيمان بهم، أو في بعض الحالات الإدمان على ما يقدمه التنجيم من تنبؤات».
#صفات_المنجمين
ويتطرق أبو جدي إلى عدة صفات تتوفر في المنجمين، أو من يمارسون الدجل، من الممكن أن تحديدها فيما يلي: «أولاً الاستفادة من وجود حاجة أو دافع لدى الناس لحل مشكلة تواجههم، أو وجود تحديات يسعون إلى تجاوزها، وفي هذه الحالة فإن لسان حال صاحب الحاجة يكون (الغريق اللي بدو يتعلق في قشة) فتكون القشة هي ما يقدمه له العاملين في التنجيم أو الدجل، فيكون مضطراً للاعتقاد بها لغياب البدائل والحلول الأخرى، المتوفرة أمامه».


ويتابع: «ثانياً؛ #الصورة_الاجتماعية النمطية حول نجاعة أساليب الدجل وخصوصاً، عندما يتم إخراجها، بما يوحي بعلاقة الدجال بقوة خارقة، مما يعطي إحساساً بالثقة بهم. ثالثاً؛ الدعاية الإعلامية المبالغ بها لقصص نجاح الدجالين، والمنجمين في التعامل مع قضايا الناس، او صدق تنبؤاتهم، يعطي الشرعية لهم، ويولد الدافع لدى الأفراد من أجل اللجوء إليهم».


وفيما يتعلق بنهاية العالم 2012، والتي أشارت إليها التقارير الصحافية بـ(الظاهرة)، يرى أبو جدي أن «ميل الإنسان إلى الاعتقاد بوجود أحداث كبيرة ترتبط بنهاية العالم في عام 2012 معتمدين على ثقافة المايا، نجد أن هذه الظاهرة تكرر، فقد سادت اعتقادات مشابهة مع حلول العام 2000، بأن العالم سوف ينتهي، وأن معظم هذه الادعاءات قائمة على أسس حدسية بعيدة عن الإثبات العلمي، وبالاعتماد على قراءات شخصية لأساطير تاريخية». وعليه فإن «إيمان الناس الواسع بها يمكن أن يفسر بعوامل نفسية مرتبطة بالخوف من المجهول، خصوصاً وأن العالم قد حقق إنجازات مهمة خلال العقدين الماضيين، مما يخلق تساؤلات حول شكل الحياة المستقبلية التي لا يمكن أن يتم تصورها في ظل المزيد من الإنجازات العلمية لدى فئة واسعة من الناس مما يولد لديهم اعتقادات بأن العالم سيزول»، ويختتم أبو جدي حديثه لـ(العربية) قائلاً «كما أن التغيرات في الظواهر الطبيعية الناتجة عن تدخل الإنسان في عناصر التوازن الطبيعي، يعمل على خلق مخاوف تتجسد في الاعتقاد بنهاية العالم».

 #دامجدابوجدي  

تدوينات ذات صلة
أضف تعليق